مدونة .. لنشر رومانسيات أميرة بهي الدين


30 أغسطس 2012

الف وردة حمراء




سأرسل لك كل يوم 
ألف وردة حمراء

ابعثرها 
علي عتبة بابك الخشبي القديم
ووسط شراعته 
بين رنات جرس الباب
وصرير مفاصله 
فوق حافه نافذنك البحرية الواسعه 
ووسط عش اليمام فوق الشجرة الكبيرة 
التي تلقيها تحيه الصباح
في طريقك لعملك كل يوم 
بجوار سور شرفتك الحديدي 
ووسط قطرات الندي
التي صدأت بدنه 
بين ضلفتي الشيش الخشبي الثقيل 
وتحت اطراف الستارة الحريرية 
وفوق منضده الصالون
بجوار التماثيل المرمر الصغيرة 
وعلي ذراع مقعد كرسي الصالون
الحريري 
ووسط البلورات الكريستال
بالثريا الانيقة وسط الحجرة 
وعلي طرف المقعد الاثير لديك
في مواجهه الشباك 

أبعثرها 
فوق مخدتك 
وبين البطانيه واللحاف 
علي ملاءة السرير
المشغول اطرافها بأنامل امك
علي ناحية الفراش البعيد الخاوي 
الذي لاتنام عليه 
علي مرأة الدولاب 
التي لاتنظر فيها 
وعلي الشماعه الخشبيه الكبيرة
التي ورثتها عن جدك 
وبين شقوق الاخشاب العتيقة
التي تزركش ارض حجرتك بخطوات السنين 
وخلف الاطارات التي تزين
الجدران الشاحبة 
وبين الزجاج الكبير
والمنضدة العتيقه التي تحب تكتب عليها 
وفي زوايا السقف العالي البعيد 
وتحت وفوق شفرات المروحة
ووسط زن ضجيجها في اذنك
وانت مستلقي علي ظهرك قبل الفجر
تحدق في حركتها الدائمة 
وتتمني تنام 

أبعثرها 
في الكوب الخزفي القديم 
بجوار فرشاه اسنانك
وسط شفرات ماكينه حلاقتك
علي رف الحمام
وفوق المرأة المشروخة الصغيرة 
بين شعيرات ذقنك التي تزيلها 
وسط خصلات راسك التي تحلقها 
بين فقاعات الصابون تحمم بها بدنك
تحت قطرات الماء 
التي تنزلق من اصابع قدميك علي البلاط البارد
وتحت البلاط وفوقه 
بين قطرات الماء الساخن
المتساقطه دائما 
من الصنبور الخرب 
في الحوض الصيني الكبير
بين سحب البخار الساخن 
المحبوس بين جدران حمامك الدافء
وسط القلب الذي ترسمه بطرف اصبعك
علي قيشاني الجدران 
علي طرف منشفتك الكبيرة
خلف باب الحمام المفتوح 
فوق اصبع شبشبك المريح 
داخل زجاجة عطرك العتيقة 
بين قمصانك المبعثرة فوق الرف 
علي المناديل القطنيه الممهورة 
بالاحرف الاولي لاسمك
وفي درج الشرابات 
والصندوق الخشبي المكدس بادويتك
التي وصفها الاطباء لاوجاعك 
فاشتريتها ولم تاخذها  
بين السجاجيد العتيقة الملفوفه تحت السرير
حفاظا عليها من العتة 
وبين حبات النفالتين
وسط ملابسك الشتوية في الدولاب الكبير 
وفوق صورة زفاف ابيك وامك
في مدخل البيت 
وعلي رف اطباق امك الزجاجية
ووسط توابلها 

أبعثرها 
وسط تبغ دخانك الذي تدمنه 
وبين وميض اشتعال قداحتك 
بين حلقات دخانك تنفثها
من بين شفتيك وانت تفكر 
وبين عقربي ساعتك البطيئه وانت مستعجل 
وفي الجيب الخلفي لبنطالك 
والجيب الداخلي لجاكتة بذلتك
وبين معاطفك الثقيله التي لاترتديها 
وبين السبح العتيقة
التي ورثتها عن ابيك 
واوراق سركي معاشه
وعقد ايجار الشقة 
بين النقود والكروت وسط محفظتك 
بين نمر التليفون في خيالك اليقظ 
وسط الارقام التي تجمعها وتطرحها في عقلك 
وسط الكتب التي تنتظر علي الرف اهتمامك بها 
وبين الجرائد القديمه التي تجمعها 
وبين شهادات التخرج
في الدرج المكدس بذكرياتك 
بين اقلامك الثمنيه التي تحبها
ولا تستعملها 
وفي البوم صورك المدرسيه وشهادات التفوق 
والصور الشاحبة
التي نسيت ملامح اصحابها 
ووسط خطابات 
حبيباتك السابقات
وبين اوراقك الرسمية
وشهادة تأدية الخدمه العسكرية 
ووسط درج مكتب ابيك الذي تحبه 
وبين طيات دفتر توفيره القديم
وكعوب دفاتر شيكاته 

أبعثرها 
بين عرائس ابنتك فوق الرف البعيد 
ووسط اثوابها الجميلة التي احتفظت بها 
وكراريسها المزركشه بنجوم النجاح  
وصورتك وانت تحتضنها
وتبتسم 
وبين مجلات ميكي
التي طالما قرأتها لها 
وصدي صوتها يرن في قلبك شوقا 
وبين صهللة ضحكات ابنك 
وهو صغير تعلمه لعب الكورة 
وصيد العصافير 
وتراقب شنبه الاخضر
يرسم علي وجهه رجوله تتمناها 
ولا تتأخر عليك
فتطمئن قلبك 

اأبعثرها 
في تلاجتك وسط مكعبات التلج 
وبين زجاجات الماء البارد
في قيظ الحر 
في فنجان القهوة النهارية
ساعة المزاج المبكرة 
في كوب الشاي الاسود
بعد الغدا في ايام الاجازة 
وعلي حافه كأس النبيذ الاحمر
في الامسيات الحانية 
وبين رشفات العصير الطازج
الذي تحبه وقت الافطار 
ووسط رغاوي كوب عصير القصب المثلج 
ساعة العطش
فوق سطح طبق الفول الطازج
وحبات الكمون 
 يوم الجمعه قبل الصلاة 
وفوق رأس السمكه المشويه التي تلتهمها 
وانت سعيد امام البحر 
ووسط طبقتي الجبنه التي تفرش بها سندوتشك 
قبلما تلقيه في الفرن وقت العشاء
وبين حبات الطماطم وحلقات الخيار واعواد الجرير
في طبق السلطه اليومي 
وتحت قطعه اللحمه المتبله
فوق الشوايه الساخنه 
وبين اقراص الضغط التي تنسي تتناولها 
وفوق الوناسه التي تتركها مضيئه خارج غرفتك
وانت نائم 

أبعثرها 
علي كل قنوات التلفزيون التي قد تمر عليها
وانت لاتكترث بما تراه 
وفوق كل موجات الاثير التي تحوم حولك 
ومؤشر الراديو ينتقل بينها
 يبحث عن النغمه التي ستسكنك 
وتنصت لها وتغيب عنها 
وبين ازرار الكتابة المعطله
في الالة الكاتبه الخضراء العتيقة 
التي تتمني تصلحها
وتكتب عليها
امام النافذه الكبيرة
في النهاريات المشمسه 
وبين لمبات الراديو الخشب الكبير
الذي كف عن بث الاغنيات 
واكتفي ببث الحنين 
وسط الكتب التي وعدتها الف مره تقرأها
ولم تصدق 
وبين اجندتك الصغيرة
التي تضم اسرارك 
وبجوار بطارية تليفونك المحمول 
وداخل دوايه الحبر الاسود
التي ورثتها من ابيك مغلقه
وبقيت 
لم يمسسها لا قلم ولا سن 
سارسل لك كل يوم
الف وردة حمراء





سأرسل لك كل يوم 
ألف وردة حمراء


يتسللوا بعبيرهم لحياتك ببطء 
يتسللوا لمشاعرك واحاسيسك ببطء
يتسللوا لتفاصيلك اليومية الصغيرة ببطء  
يبهجوا نهارياتك المزدحمه ببطء 
يبهجوا لياليك الطويلة ببطء 
يقهروا الرمادي الطاغي علي كل الالوان 
يخلعوه من روحك وعينيك وانفاسك 
يقهروا اوراق الخريف الملقاة علي ارض شرفتك 
يقهروا بقايا الكوابيس المبعثرة في خيالك
واشباحها المخيفة 
يهدهدوا روحك القلقة ويطمئنوها 
يبرءوا اوجاعك القديمة ويهونوها 
ويصالحوك علي الحياة التي تعشقها ... ببطء ببطء 

سأرسل لك كل يوم 
ألف وردة حمراء

كل يوم .. كل يوم ... كل يوم 
تسرقك من ماضيك المستبد 
تحررك من مخاوفك وخوفك  
تمهد الطريق الوعر الشائك 
لحريتك وتحققك ولي 
وقتها ...
لن ارسل لك 
ورود حمراء جديدة 
لن تحتاجها
ولا انا ..

هناك تعليق واحد:

  1. أمبره

    ما اسعده بهذه الورود الحمراء
    التي توغلت وتغلغلت حتى كادت تلامس روحه
    بعد ان لامست كل اشياءه
    ستكفيه ورده حمراء واحده تحمل كل هذه الاحاسيس
    ستكفيه لمسه واحده لهذه الورده
    ليشعر بكل الاحاسيس
    عندها سيشعر بحريته تعود له من جديد

    ما اجمل احساسك وورودك الحمراء

    منال أبوزيد

    ردحذف